Nombre total de pages vues

mardi 23 novembre 2010

كابوس

                                                               
                                                           
                                                                   كان يوما شاقا, دخلت غرفتي, فأغلقت الباب و بادرت إلى زرّ القاطعة , تذكّرت, سحقا للكهرباء و لأصحابها, لا تستقرّ, على حال أضحت الغرفة موحشة, في طيّات الظلام, التمست طريقي حذرا مخافة أن اعثر بشيء ما, و بعد جهد غير يسير لامست أطراف أصابعي ستار النّافذة المغلق, فنظرت من شق فيه؛ الشّمس توسّدت الجبل وغاصت في أحلامها الوردية, كلانا يشعر بتعب فظيع, لكن لا أضنّها عانت من الأمور في يومها هذا بقدر ما قاسيت أنا. سرعان ما انتبهت إلى أنّي لم افتح الستار بعد, فأسرعت بإزاحته, فاندفع نور خفيف مرهق هو الآخر, و تمدّد على الكتب الملقاة, و المكتب و الكرسي المقلوبين رأسا على عقب. رتّبت الغرفة و ألقيت بكامل جسدي على الكرسي الخشبي, لكنّ الأوجاع عاودتني:" آخ...أولاد الـ... هشّموا عظامي."
في حجرة و كرسي أشبه بحجرتي هذه و كرسيّ هذا أجلسوني صباح هذا اليوم, رجل بشاربين تحجب عينيه نظّارة بلون بدلته السوداء, إقترب منّي همهم و سيجارته المحترقة بفمه:" تعاود حماقاتك يوميّاٍٍٍٍََََََََِِِ, خرّبت عقول النّاس."
-" ما تُهمتي؟" ضاع السّؤال في فراغ الحجرة..
-" أريد محامياًًٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍََََِِِِ..."
-" كمثيله..."
السّماء على سعتها مضاءة بنجومها المتناثرة, الأرض ليست كذلك, أرسلت يديّ متحسّسا درج المكتب, أخرجت نصف شمعة و علبة كبريت و أوقدتها  فعمّ ا لحجرة نور أراحني, اندفعت إلى المطبخ أقود مصدر الّنور و تقودني
غريزة الجوع, فاقتنيت قطعة خبزِِِِ و حشوتها طماطم, شربت كوب ماء, و عدت ألاصق الكرسي, كان الدرج لا يزال مسحوبا, مددت يدي إليه تقودني غريزة أخرى,  وسحبت رزمة أوراق, لكنّ قلم الحبر- قلمي- لم يكن في  الدرج كعادته," ربّما أخذه أولاد الـ... لكن مالهم وقلمي؟ أقلامهم كثيرة لديهم منها ما يحجب نور الشمس!
نُقلت إلى غرفة أخرى, وحيدا, لا ادري كم لبثت فيها, دخل أخيرا صاحب النظّارة يتبعه آخران:" أريد تفسيرا لهذا؟ أريد..." وكزّني طويلهم بجمع يده, لم يحتمل انفي الدّعابة, فأجهش غارقا في دمه. "غريب لا اذكر يوما أنّي كتبت بأنفي... إطلاقا" قلتها في قرارة نفسي." يكفيني ما لقيت, كلمة أخرى و افقد لساني." لكنّه- لساني- خذلني:" مواطن أنا.. أطالب بحقوقي المدنية, للبلاد قوانين..." سٌمع أخيرا لي.." يريد حقوقه المحترم. حسنا أعطوه إيّاها..." و ألقى ذو الشاربين سيجارته المحتضرة, و بنعل حذائه الأسود داسها وخرج. و نِلتُ من الحقوق كفاية ثم اُخلي سبيلي.
سكون الليل الرّهيب يقطعه نهيق حمار ضيعة غير بعيدة, يُشعرني بالرّهبة والخوف. يقال أنّ معاشر الحمير تستطيع رؤية الشيطان. ترى كيف يبدو عليه اللّعنة؟ اهو بشاربين أو دونهما؟... الحمير تعلم ذلك لا أدري إن كان فعلها جزعا, أم تحدّيا؟ً لكنّي أشيد بجرأتها, فوحدها الحمير-وفي جنح الظلام- وقفت, وتصدّت, ورفعت صوتها فاضحة الشيطان وجنده, وحدها الحمير -وفي جنح الظلام- تحدّت الظّلام نفسه. لكنّ هذا النّهيق لم يكن الصوت الوحيد خارجا, فقد رابتني قرقعة غريبة حول الدار, فألقيت السّمع لكنّها سرعان ما خفّت وزالت.
متعبا, أوسدت راسي المكتب, طالبا الرّاحة, فجأة, استفقت مذعورا على هزٍٍٍٍٍٍّ عنيف بالباب, وعلى رجال طوال أحاطوا بي, فطرحوني والكرسي أرضا, وكبّلوا يديّ وقدميّ, حاولت الصّراخ, فبادرني احدهم برفسة من حذائه, خلت أنّ نصفه استقرّ في أحشائي, رفعت بصري محاولا تمييز وجوههم, لكن لم تكن لهم وجوه, وعلى صوت نهيق الحمار, واضطراب لهب الشمعة, بدت ضلالهم على واجهة الجدار كأشباح تتراقص عابثة, وكانت أقدامهم تتحرك في اضطراب, فترتفع وتهوي على جسدي المنهك أو تدوس على قطعة الخبز المحشوة طماطم, فتتدلّى أحشاؤها خارجا.امسك احدهم بفكّي و جمع شعري, و بحزمة الأوراق تلك, حشا آخر جوف فمّي... و نحرني... و في الضّيعة غير البعيدة, واصل الحمار نهيقه ثمّ....سكت.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire