Nombre total de pages vues

mercredi 24 novembre 2010

هي و هو.....


هي:الفندق...
بعد عام واحد فقط من الزواج, بدا يفرّ من البيت, ولم يكن هذا الفرار مفاجئا ولا مباشرا ولكنه بدأ بالتدريج, حتى اصبح البيت بالنسبة له اشبه بفندق, يعود من العمل ,يتناول الغداء, ينام, يستيقظ, يغادر البيت, يعود ليلا فينام, ليبدا دورة يوم جديد... حاولت كثيرا ان اوقف حالة الهروب في بداياتها, لكن كنت كمن يحاول ان يحتفظ بالماء بين اصابعه. بدات حالته بعد ستة اشهر من الزواج, ذات يوم وجدته قد ارتدى ملابسه واخبرني انه ذاهب لموعد مع بعض اصدقائه, ظننت يومها انها نزوة لن تتكرر, بعد اسبوع عاد و خرج... بعد اربعة ايام... بعد يومين... ثم كل يوم... خلال هذه الفترة حاولت كثيرا- بالنقاش- ان اصل الى تحديد المكان الذي يذهب اليه ومن يقابل..و...و..و.. ويتحول النقاش في كل مرة الى, شجار
 قلت له انني اقلق كثيرا عليه لتاخره في الخارج, سمعت كلاما عن انه ليس طفلا’ ووعد انه قبل ان يغادر البيت سيقول لي متى يعود... اقترحت عليه يلتقي مع اصدقائه في البيت عندنا, نظر الي بريبة و شك وصمت. في نهاية الاسبوع فوجئت بستة اشخاص يحتلون مقاعد الصالون ويحتسون عددا لا اذكره من اكواب الشاي و القهوة ,ويلتهمون كمية كبيرة من طعام العشاء, واصواتهم تصل الى غرفة النوم ,فيملؤونها بالضجيج, و الضحكات, والصخب, والكلام الجاد, و النكات, والالفاظ التي تخدش الحياء تصل كالهمس, مهما حاولوا ان يخفضوا من نبرات اصواتهم. صباح اليوم التالي وانا واقفة اغسل الاطباق والاكواب, لعنت الفكرة والمحاولة. ونحن نتناول الفطور قلت له بهدوء:" ارجوا لا يتكرر ما حدث ليلة البارحة وقابلهم في اي مكان تشاء." وانتهت مناقشاتنا ومات اي تفكير لي بان احاول ايقاف هروبه. اعترف ان مشاعره تجاهي كما هي, ورعايته لي لا تنقص, ولم اطلب شيئا وتقاعس عن تحقيقه, ولم اساله يوما ان نخرج وحدنا لنزهة او زيارة وتردد, وصارت الاوقات التي يقضيها في البيت- على قِلّتها- يحاول ان يكون فيها رقيقا ودودا متساهلا...لكنه يهرب, يفر من البيت, اشكو الوحدة لساعات طويلة, ابحث عن نقاشاتنا, ومشاجراتنا, وصفائنا... افتقد الانسان, التواجد, الحوار, المشاركة في الدقائق, في الزمان, في المكان, ولكنني لا اجده.




هو:خوف الملل... لا اذكر تماما من الّذي قال:" إنّ كلّ الأشياء تحمل في داخلها بذور موتها وفنائها"... وكم هي صحيحة هذه المقولة, على الأقلّ بالنّسبة لي.. تتّهمني دائما بأنني لا افهم الحياة الزوجية, وأنني أحلت البيت إلى فندق للطعام والنّوم.. وانّه مطلوب منّي أن أتواجد في البيت, أتكلّم معها, أتناقش, حتّى اتشاجر, تصوّروا تشتاق للمشاجرة!! لم استطع ان اشرح لها وجهة نظري كاملة خشية ان اجرح مشاعرها... ولكنّني أتصوّر أنّني على صواب, فماذا يفعل بنا الالتصاق الشديد بمن نحب؟ والى ماذا يؤدي؟ إنّنا لا نرى العالم إلاّ من خلال عيوننا, وإننا لا نحتكّ بالعالم إلاّ من خلال خبراتنا. ببساطة شديدة ستظلّ أحاديثنا ورُؤانا وإحساسنا بالأشياء تدور في مستوى مغلق, تصبح ردود الفعل محفوظة, والآراء متوقعة ,والأحاسيس متكرّرة وتنتقل عدوى رتابة الحياة وأزماتها لتلتصق بإحساسنا الدّاخلي فتعطّله, ويعشّش الملل والتّكرار فوق الحياة وأنا حريص على تجدّدها وتألّقها...فماذا فعلت؟ انسحبت من دائرة الالتصاق الى دائرة الاصدقاء... حيث الاراء متنوّعة وثريّة والاختلافات قائمة والرّؤية مختلفة ووقائع الحياة متباينة, فتزداد الخبرة تنوّعا, والاراء نضجا, واعو د اليها محمّلا برؤية مستمرة ومتجدّدة للحياة والناس, تمتلىء بتفاصيل ووقائع تثري المعرفة الانسانية. وفي المقابل لم اقصّر في  علاقة عائليّة تربطنا, او مناسبة تستدعي وجودنا معا. وبرغم هروبي كما تسمّيه هيّ, لم تخفت مشاعري تجاهها, واعود الى البيت وفوق وجهي ابتسامة, و القاها متهلّلا.ولكنّها تريدني ضمن أثاث البيت,قطعة ثابتة لا تتحرّك, وإذا لم تجدها فهذه سرقة. حاولت كثيراً ان أفهمها, إنّني أدافع عن حياتنا ضدّ شبح الملل والرّتابة,ولكنّها لا تؤمن ولا تصدّق ولا ترى أيّ خوفٍ من الإلتصاق.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire