Nombre total de pages vues

mercredi 24 novembre 2010

جنون

المرأة المجنونة المشعّشة كانت رائقة  تلهو بمجموعة من علب البلاستيك الصغيرة الشفافة متدرجة الأحجام, راصة هذه العلب بتقاطر على سياج خفيض لحوض زهور جلست متربعة على حافته, تجعل العلب في تعاقب أفقي مرّة, و مرّة في تصاعد رأسي, كأنّها تصفّ عساكر من الوهم, أو تبني عمارة في الخيال, لكنّها فجأة -كما لو كانت ترى بعيون خفية في مؤخرّ رأسها- التفتت وانقضّت على يعسوبين ملوّنين كانا في حالة اتصال حميم فوق زهرة بيضاء وراءها, فكأنّني أرى ساحة السّابع من نوفمبر لأوّل مرّة! جنون! وهل هناك جنون أكثر من تصوّر عشب نديّ وزهور يانعة وكائنات ملوّنة في اتّصال حميم على زهرة وسط ساحة توجد في أكثر الأماكن ازدحاما في العاصمة؟ جنون! وبلمسة جنونية صغيرة صادت أصابع المجنونة اليعسوبين المتّصلين, معا, في لحظة واحدة. انكسر طوق الاتّصال الحميم لليعسوبين بين الأصابع العظيمة المتّسخة و الّتي توحي -هذه الأصابع- بأنّها من خشب رميم- ثمّ راح اليعسوب وأنثاه يتأوّدان بعسر, وتندّ عنهما نبضات مكتومة من حراك الأجنحة الشفافة, بينما الأصابع المجنونة تحشرهما في اكبر العلب, وتتابع الحشر. في العلبة الأكبر راح اليعسوبان يدوران حول نفسيهما في خليط من المواساة والحيرة, وفي العلبة الأصغر أخذا يلوبان لصق الجدران في رغبة انفصال واضحة رغم تلامسهما, كانّ كلاّ منهما يبحث لذاته, ذاته وحدها, عن مخرج. وفي العلبة التالية في الصغر سكنا حتى بدا أنّهما قد ماتا, لولا إشارة وانية جدّا من جناح مرتعش. وكنت انتظر سكونهما النّهائي في العلبة الأصغر. لم يسكنا في اصغر العلب التي حشرتهما فيها أصابع المجنونة حشرا, تشوّه جسداهما المعلوكان معا, وراحا يغليان في حراك دائب ليخلّص احدهما بدنه من بدن الآخر, ثمّ, و بانقضاضةٍ مباغتة بدا أنّ الذكر يهاجم أنثاه, بل و راح يقطّعها و يقطع ما تفرّق منها حتّى باتت ذروا من تراب, يتطاير حوله في الفضاء الضّنين,و  يتطاير تحت أقدامه, وقد بدا انّه يرقص ...رقصة المجنون في غبار نصفه الراحل..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire